• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ماذا تعرف عن الغدير؟

من كنت مولاه فهذا علي مولا * غدير الخم

يوم الغدير[1] .. عبق النبوّة و أريج الرّسالة و ثمرة المرسلين و الرسالا الربانيّة.

يوم الغدير.. بداية السيرة الفوّاحة و منطلق القرآن الناطق و إكمال الدّين الحنيف ، و إتمام النّعم الإلهية و الهبات القدسيّة.

 

يوم الغدير.. هو ذلك اليوم الذي وقف فيه رسول الله صلي الله عليه و أله بعد عودته من حجّة الوداع (عام 10 ه) و خطب في المسلمين آخر خطبة على رغم قساوة الطبيعة، و لهيب الرياح السموم و إعراض المنافقين وغبثيّة الذين في قلوبهم مرض و إرجاف المرجفين و غوغاء التافهين ، وقف صلي الله عليه و أله فيهم ليعلن لهم أنّ علياً عليه السلام هو وصيّه وخليفته ونائبه و وزيره.. فله في النّاس ولاية الأنبياء و سلطة الرسل و زعامة الحق والصدق.. فما كان لرسول الله صلي الله عليه و أله كان لعليّ عليه السلام ، وكل مَن كان الرسول وليّه فعليّ وليّه، فشأنه شأن الأنبياء و زعامته زعامة مطلقة بلاقيد وشرط ولاقاطع ومانع.

و لقد عبّر الله سبحانه و تعالى عن هذا الحدث العالمي العظيم بقوله: ( اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام ديناً) المائده 3.

هكذا كان يوم الغدير، يعبّرعن تكاملية منهج السماء ودين الحق من لدن آدم الى الخاتم صلى الله عليه و أله .

و لهذا صار يوم الغديرعيداً للمسلمين الذين ينفتحون على الحق يتعاملون على أساسه, بل صار الغدير يوماً معروفاً عند بقية الامم[2] ؛ لانّه من جملة أيام الله تعالى التي غيّرت مسرى التأريخ و كجرى الأحداث.

و سرّ ذلك في أرين:

1- باعتباره بداية لخط الوصاية و استمراراً لواقع الرّسالة و تخليداَ لحركة المرسلين، و احتواءً للاُمّة الإسلاميّة بعد رحيل شخص النبيّ صلي الله عليه و أله عنها.

2- و باعتبار صاحب يوم الغدير.

صاحب يوم الغدير:

هو عليّ أميرالمؤمنين عليه السلام الرجل الأول في الأسلام - بعد النبيّ- و هو نسخة محمّد صلي الله عليه و أله و صورته الثانية ، فهو أول من أسلم وآمن و ضحى وصلى و جاهد و تجلد و صبر و وقى... .

علىّ عليه السلام صورة الحق و آية الصدق و عنوان الإيمان و نبأ الرحمن و ربيب محمّد صلي الله عليه و أله و عبد الله العادل في الرعيّة و المنصف في القضيّة.

عليّ عليه السلام رجل السماء و الأرض، المبعوث سرّاً مع الأنبياء و المرسلين، و علناً مع الخاتم الأمين صلي الله عليه و أله ، المعروف في الملوك قبل الناسوت، و المدخر لنهاية الخليقة و تقويض الدنيا.

عليّ عليه السلام.. فاتح خيبر.. فهو حيدر.

عليّ عليه السلام.. هازم الأحزاب.. و قالع الباب و قاتل المشركين و الناطثين و القاسطين و المارقين.

عليّ عليه السلام.. بدر.. و أحد.. وحنين.. و ذات السلاسل.. عليّ عليه السلام الإسلام كلّه و الإيمان لبّه.

روي أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام عندما وصل عند الحصن في غزوة خيبر سأله يهودي من أنت ؟ فقال عليه السلام له: أنا عليّ بن أبي طالب، قال: علوتم و ما اُنزل على موسى[3].

عليّ عليه السلام العدل.. بكل معانيه فهو القائل: (( أأقتع من نفسي بأن يقال أميرالمؤمنين و لا اشاركهم في مكاره الدهر أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش))[4] .

عليّ عليه السلام.. القائل: (( و الله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت...))[5] .

فهذا صاحب يوم الغدير.. إنَه العدل بعينه و التواضع على حقيقته و الانصاف على واقعه.

تخليد يوم الغدير

هذا سرّ تخليدنا ليوم الغدير.. إنّه يو القيم الإنسانية العليا، و المبادئ النبوية الشامخة، فما نودي من السماء بأعظم مما نودي بولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام؛ لأنّه نداء بالإيمان: (( حب علي عنوان صحيفة المؤمن))[6] .

و لأنّه نداء بالعدل: (( و القويّ عندي ضعيف حتّى آخذ الحق منه..))[7] هكذا خلّدها الأمام عليّ عليه السلام للتأريخ.

و لأنّه نداء بالأمانة و الصيانة.. فقد مات رسول الله صلى الله عليه و أله و عليه الديون التي أداها عليّ عليه السلام ثم مات - استشهد - أمير المؤمنين عليّ و عليه الدّيون التي قضاها الإمام الحسن عليه السلام.

فيوم الغدير.. أو قل ثقافة الغدير.. أو قل منطلقات يوم الغدير إنّما هي العدل في الحياة ، و الانصاف في التعامل و النقاء في المسلك ، و الطهارة في السلوك، و الصدق في الطريقة ... بل هو نداء بكل القيم الراقية و المفاهيم الإنسانيّة...

قصة الغدير في سطور[8]

( يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ريك) المائده67 .

نزلت هذه الآية في منصرف رسول الله صلى الله عليه وأله من حجّة الوداع ، بعدما وقف خطيباً للمسلمين في منى فقال لهم: هل تعلمون أيّ يوم أعظم حرمةُ؟ قال الناس: هذا اليوم،قال صلى الله عليه و أله و سلم:فايّ شهر؟ قالوا: هذا ، قال صلى الله عليه وأله: وأيّ بلد أعظم حرمةً؟ قالوا: بلدنا هذا ، قال صلى الله عليه وأله : فإنّ دماءكم و أموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربّكم... .

ثم وقف خطيباً بهم بعد ماخرج من مكّة و نزل منزلاً يقال له:((غدير خمّ)) وهوعبارة عن دوحات فوقف صلى الله عليه وأله تحت شجرة عظيمة.

فقال لهم :أيها الناس هل تعلمون من وليّكم؟ قالوا:نعم الله و رسوله، قال صلى الله عليه وأله: ألستم تعلمون أنّي أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا:بلى، قال صلى الله عليه وأله: اللهم اشهد فأعاد ذلك ثلاثاً إلزاماً لهم و تأكيداً عليهم و لفت نظرهم إلي عظمة ماسيقوله بعد ذلك، و هو آخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، و انصر من نصره، و اخذل من خذله، وأحب من أحبه ، ثم قال صلى الله عليه وأله: اللهم اشهد عليهم و أنا من الشاهدين.

فقام من بين أصحابه مَن قال: يارسول الله! هذا من الله أو من رسوله؟ و هو إستفهام يدل على تحجّر عقولهم و انغماس إسلامهم بالشك و الترديد، و نتن قلوبهم من قذر الشرك الذي لازال يعشعش في خلايا أدمغتهم، فهم إلى ذلك اليوم لايستطيعون أن يتصوروا الرسول الأكرم صلى الله عليه و أله و سلم بأنه رجل السماء و أنّه لاينطق عن الهوى و أنّه الصادق الأمين و أنّه...

فابتدره النبي صلى الله عليه و أله و سلم و هو صلى الله عليه و أله و سلم يرى من وراء الغيب حقارة السائل وسخافة السؤال، و استقرأ في وجهه النفاق والعداء و الحسد، فقال له : نعم من الله و رسوله إنّه أميرالمؤمنين و إمام المتقين ، و قائد الغرّ المحجّلين ... .

فتقدّم إليه عمر بن الخطاب و قد أخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام مبايعاً له و قائلاً : بخٍّ بخٍّ لك يا ابن ابي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم، ثم هبط جبرئيل بقوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام ديناً).

فقال رسول الله صلى الله عليه و أله و سلم (( الحمد لله على إكمال الدين و إتمام النعمة و رضى الرب برسالتي و الولاية لعليّ من بعدي)).

ثم قال صلى الله عليه و أله و سلم - مروياً عن الصادق عليه السلام -: يوم غديرخم أفضل أعياد امّتي وهواليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب علماً لاُمّـتي ،يهتدون به من بعدي[9] .

 

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] الغدير:(هو قطعة من الماء يغره السيل أي يخلعها), راجع: مجمع البحرين: 3/294 و تاح العروس3/441 .

وغدير خم: إسم منطقة تقع مفترقاَ للطرق إلى مكة و المدينة و الشام و ... و هو موضع بالجحفة من أرض الحجاز .

[2]راجع كتاب الغدير للعلاَمة الأميني:1/503

[3] زاد المعاد لابن القيم الجوزيه:2/149 .

[4] ينابيع المودة: 1/440 .

[5] شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: 11/245 .

[6] الصواعق المحرقة:2/365(بيروت، مؤسسة الرسالة).

[7] نهج البلاغة : التحقيق للشيح محمّد عبده 1/89 خطبة رقم37

[8] انظر تفسير القرطبي:7/ 386 في تفسير قوله ((سأل سائل...))، و ذكر أحمد بن حنبل واقعة وحديث الغدير في الفضائل:2/569 و572 و585 و586 و593 و596 و59 (ط السعودية) .

[9] انظر البحار: 37/108 باب 52 و مابعدها (ط ايران) و مناقب الخوارزمي الفصل 14: 80.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page