• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المدخل

المدخل

ان شخصيه اميرالمومنين على (عليه السلام) من اقوى الشخصيات التى عرفها التاريخ، و لست بسبيل ان افصل ما فيها من نبل و قوه و خصائص تستهوى الافئده، و انما سبيلى ان ابحث جانبا من جوانب هذه الشخصيه الرائعه المستفيضه. و هو جانب النظره الاجتماعيه فيها، تلك النظره التى اودعها نهج البلاغه و التى بلغت من العمق و البيان درجه اغرى سموها بعض اشياع الامويين و فريقا من الباحثين، الى نفيها عنه و الذهاب الى انها هديه الخلود صاغها للجد حفيده الشريف الرضى، الشاعر الموهوب.

غير ان هذه الاراء كثيره مبعثره و كثيرا ما يتكرر الراى الواحد اكثر من مره، و ليس نهج البلاغه بمقسم تقسيما يفصل كل مجموعه متشابهه من الاراء عما عداها، و هذا هو موطن الصعوبه ولكنه ايضا مهمه الباحث، و على هذا فسنقسم الاراء الى:

1- علاقه الانسان بربه،

2- علاقه الانسان بنفسه،

3- علاقه الانسان بغيره،

4- ثم سياسه الدوله و هو باب متشعب كما سنرى.

و قد يعترض معترض بان القسمين الاولين الباحثين فى علاقه الانسان بربه و علاقته بنفسه يجب ان يستبعدا من بحث مقصور على الاغراض الاجتماعيه اى على ما يقوم بين الناس من معاملات ليس منها، معاملات الفرد للخالق و لا لنفسه التى بين جنبيه ولكن هذا الاعتراض غير وجيه، الا بالنسبه للاراء الميتافيزيقيه البحته التى بحث فيها الامام بحثا مطولا عن منشاء الكون و علاقه الاجرام بعضها ببعض و كيفيه خلق الملائكه و البشر، تلك الاراء التى وجدناها خارجه عن موضوعنا فاستبعدناها.

اما علاقه الانسان بربه، فالمقصود بها هنا، الوصايا التى وجهها الامام الى مجتمعه ليعمل بها فيما يختص بالخالق الجليل و بذلك تكون اعمالا بشريه، ان لم تكن اجتماعيه بالمعنى العلمى الحرفى، فهى اجتماعيه لانها مطلوب القيام بها من الجماعه و لانها مظهر اجتماعى و موثر قوى فى السلوك الاجتماعى البحث اى فى سلوك الافراد ازاء بعضهم بعضا. اما فيما يختص بعلاقه الانسان مع نفسه فالمساله اوضح، لانا بتدريب انفسنا على منهج خاص نخلقها خلقا جديدا و هذا الخلق موثر ابعد التاثير فى نوع تعاملنا مع الاخرين، و لان العدى موجوده فى الخير و فى الشر، فكوننا على هذا الحال او تلك اغراء لمن هم دوننا و لمن هم بمعرض التاثر بمثالنا، و على ان يحتذوا ذلك المثال، و لانا نحن مكونو المجتمع و كما نكون يكون.

هذا الا ان هذين القسمين شى ء قليل بالنسبه للقسمين الاخرين.

اما عن علاقه الفرد بربه فقد ضمن نهج البلاغه بين دفتيه صفحات نادره فى تمجيد الله و تحليل صفاته، و كثر فيه النصح بالقاء النفس الى الله كما جاء فى وصيه الامام لابنه و بشكره على نعمائه و عدم الاغترار بما يوفق اليه من النجاح و اذا انت هديت لقصدك، فكن اخشع ما تكون لربك .

[ نهج البلاغه 47:2.]

و اوصى ابن ابى بكر بقوله: ... و لا تسخط الله برضا احمد من خلقه فان فى الله خلفا من غيره، و ليس من الله خلف فى غيره .

[ 30:2.]

و بمثل هذا كان يفتتح خطاباته الى ولائه و قضائه؟ و لنستمع الى قوله حين بعث بعض عماله على الصدقه: آمره بتقوى الله فى سرائر امره و خفيات عمله حيث لا شاهد غيره و لا دليل دونه و آمره ان لا يعمل بشى ء من طاعه الله فيما ظهر فيخالف الى غيره فيما اسر ، و ليس غريبا ان يوصى بما اوصى به القرآن من الرجوع اليه و الى الحديث عند التباس الامور فيقول: و اردد الى الله

و رسوله ما يضلعك من الخطوب و يشتبه عليك من الامور .

[ 96:2.]

و ليس غريبا ايضا ان يعتبر الشكوى من نوائب الزمان شكوى من الله فيقول: من اصبح يشكو مصيبه نزلت به فقد اصبح يشكو ربه .

و قد ظهرت عقيدته الراسخه فى الله و دعوته الى نصره دينه فى قوله: لا تجعلن اكثر شغلك باهلك و ولدك و اولياء الله فان الله لا يضيع اولياءه و ان يكونوا اعداء لله فما همك و شغلك باعداء الله .

[ 228:2.]

على ان نغمته الزاهده لا تفتا تتكرر فهو يقول لنا هنا: من برزق الله لم يحزن على مافاته

[ 227:2.]

و يقول لنا هناك ان الرزق رزقان، رزق تسعى اليه و رزق يسعى اليك

[ 56:2 و 236.]

و هذا قول حكيم لانه لا يدعو الى الكسل و انتظار الرزق من الله، بل يقول ان السعى يزيد الرزق ولكن يجب على المرء الا يشغل بجميع جوارحه بالسعى وراء الدنيا فيغفل عن العمل الصالح.

سبق يراد قوله (عليه السلام): من اصبح يشكو مصيبه نزلت به فقد اصبح يشكو ربه .

[ 195:2.]

و الان نضم الى ذلك قوله: و لا يحمد حامد الا ربه، و لا يعلم لائم الا نفسه .

[ ج 56:1.]

ان النص الاول يدعونا الى عدم شكوى الزمان، لان الزمان يجرى كما قضى الله و قدر، فثورتنا عليه ليست الاثوره على قضاء الله و قدره، اما النص الثانى فانه يدعونا الى ان نعتقد ان الخير من الله، و ان الشر من انفسنا اى ان الله

اعطانا عقلا نميز به بين الطريقين كما قال تعالى انا هديناه النجدين

[ سوره البلد: 9.]

فان سلكنا طريق الشر فلا نلم الا انفسنا. و ان سلكنا طريق الخير فلا نحمد الا الله لانه هو الذى ارشدنا.

ا- و اما عن علاقه الفرد مع نفسه فقد قال (عليه السلام) فى وصيته الى ابن ابى بكر: ... فانت محقوق ان تخالف على نفسك

[ ج 29:2.]

اى ان تخالف هواك و تحكم عقلك. ثم قال فى موضع آخر: من كان له من نفسه واعظا، كان عليه من الله حافظا

[ 161:2.]

و اوضح ذلك الراى بموضوع ثالث بقوله: من لم يعن نفسه حتى يكون له منها واعظ و زاجر، لم يكن له من غيرها زاجر و لا واعظ .

[ 174:1.]

لقد عرف الامام على ان بالنفس نوازع شر و نوازع خير فدعا الى التشديد عليها حين تامر بالسوء و استعان عليها بالله فى قوله: والله المستعان على نفسى و انفسكم

[ 271:2.]

ثم اعتمد على الضمير اليقظ و اهاب بنا ان نقويه فانه عاصمنا و منه المزدجر. و قد زاد من عنايته بالتدريب النفسى انه اعتقد ان الطباع كسبيه فقال: ان لم تكن حليما فتحلم فانه قل من تشبه بقوم الا اوشك ان يكون منهم

[ 291:2.]

و انه اعتقد ان الانسان مفطور على الخير و ان الخير فى عودته لفطرته فقال: الله بعث فى الناس رسله و واتر اليهم انبياءه ليستادوهم ميثاق فطرته

[ ج 26:1.]

فمهمه الانبياء عنده اعادتنا الى الفطره التى فطرنا الله عليها.

ب- و نلاحظ انه اكثر من النهى عن "الامل" الذى نعرفه و الذى حث الله عليه بل اوجبه فى ذكر اقواله تعالى و لا يياس من روح الله الا القوم

الكافرون

[ سوره يوسف: 87.]

و انما الامل بمعنى الاعتماد على طول الاجل، و ارتكاب المحرمات، و ارجاء الفرائض اعتمادا على ذلك و هذا راى نشاركه كلنا فيه فان كل ما بالعالم يمر فى سرعه و ثابه و ما انصف و لا اصاب من يبذر فى صحته او ماله اعتمادا على وفره صحته او ماله و لا من يوجل العمل انتظارا للغد. فان الغديمر و نمر معه، و اذن فما احرانا ان نعمل بنصيحه الامام القائله و بادروا اجالكم باعمالكم

[ 119:1.]

و ان نتدبر قوله: ان اخوف ما اخاف عليكم اتباع الهوى و طول الامل .

[ 80:1.]

ج- لم اكد ابدا بالكتابه عن علاقه الانسان بربه حتى شعرت بنحوله الفاصل بين هذا القسم و القسمين الاخرين، و ها انذا الان اشعر بهذه النحوله ايضا: فها هى حكم و وصايا تدخل فى سلوك المرء مع نفسه، و تدخل فى سلوكه مع غيره كقوله قرنت الهيبه بالخيبه و الحياء بالحرمان و الفرصه تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير

[ 147:2.]

و مثل قوله: الصبر صبران: صبر على ما تكره و صبر على ما تحب

[ 156:2.]

و قوله البليغ: افضل الزهد اخفاء الزهد

[ 148:2.]

و نهيه: و اياك و الاعجاب بنفسك و الثقه بما يعجبك منها و حب الاطراء فان ذلك من اوثق فرص الشيطان فى نفسه ليمحق ما يكون احسان المحسنين

[ ج 113:2.]

فان دعوته الى الشجاعه و الجراه و انتهاز فرص الخير و تحمل الداء و عدم الاستنامه اليه، و الصبر بنوعيه، و اخفاء الزهد اى الزهد فى سبيل التظاهر و الزهد بالقلب مع مواصله العمل و الجهاد، و نهيه عن الاعجاب بالنفس و حب الثناء، كل هذه العهود

يتناولها المرء بينه و بين نفسه و بينه و بين غيره. اما امره: و لا تتمن الموت الا بشرط وثيق

[ ج 134:2.]

اى لا تعرض نفسك للهلاك الا ان تقضى غايه ساميه و ضروره لازبه، فانه ادخل فى نطاق المعامله النفسيه.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page