مستدرك الحاكم : عن النبي (ص) قال : مازالت قريش كاعة ( جبانة ) حتى توفي أبو طالب .
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه . (1)
الفائق : قال (ص) : ما زالت قريش كاعة حتى مات أبو طالب . (2)
قال الزمخشري : أي جبناء عن أذاي ، وهو جمع كائع .
التهذيب : عن العباس ، قلت : يا رسول الله ، إن أبا طالب كان يحوطك وينفعك .. فهل تنفعه ؟ قال : نعم ، وجدته في غمرات النار فأخرجته إلى ضحضاح . (3)
أقول : الضحضاح بمعنى الضياء والماء القليل ، يشير (ص) إلى هدايته والإنقاذ من الضلالة .
تذكرة الخواص : قال أبو طالب :
والله لن يصلـوا إليك بجمعهم = حتى أوسّد فـي التــراب رهينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة = وابشــر وقرّ بذاك منـك عيونا
وعرضتَ دينـاً لامحـالــة إنه = مـن خيــر أديـان البرية دينا
ثم قام أبو طالب يذبّ عن رسول الله (ص) من سنة ثمان من مولده إلى السنة العاشرة من النبوة ، وذلك اثنان وأربعون سنة . (4)
الطبقات : قال العباس : يا رسول الله ، أترجو لأبي طالب ؟ قال : كل الخير أرجو من ربي . (5)
أقول : ولا يخفى أن رسول الله (ص) لا يرجو من الله إلا ما يحبّه الله ، ولا يطلب رحمة وفضلاً لأحد إلا إذا كان فيه خير وصلاح ورضا من الله تعالى ، ولا سيَّما إذا رجا كل الخير ، فيدلّ على كمال الاقتضاء .
تذكرة الخواص : الواقدي : قال علي (ع) : لما توفِّي أبو طالب أخبرت رسول الله (ص) فبكى بكاءً شديداً ، ثم قال : اذهب فغسّله وكفّنه وواره (غفر الله له ورحمه) ، فقال العباس : يا رسول الله ، إنك لترجو له ؟ فقال : إي والله ، إني لأرجو له ، وجعل رسول الله (ص) يستغفر له أياماً لا يخرج من بيته .
وقال علي (ع) يرثيه :
أبا طالـب عصمة المستجير = وغيث المحول ونور الظلم
لقد هدّ فقـدك أهل الحفاظ = فصلى عليك ولي النعم
ولقّاك ربــك رضوانــه = فقد كنت للطهر من خير عم (6)
أقول : هذه الكلمات من رسول الله (ص) ومن عليّ (ع) في حقه ثابتة مسلمة . وأما الروايات المخالفة ، فغير ثابتة سنداً ومضموناً ، فلا يعتنى بها .
السيرة النبوية : يذكر من جملة قصيدة لأبي طالب :
لقد علموا أن ابننــا لا مكـذَّب = ولا يُعنى بقول الأباطل
فأيّده ربّ العبــاد بنصــره = وأظهر ديناً حقه غير باطل (7)
ويروي : عن أبي طالب أيضاً :
ألم تعلمـوا أنَّا وجدنــا محمداً = نبياً كموسى خُطّ في أول الكتب (8)
ويقول : فتتابعت على رسول الله (ص) المصائب بهلاك خديجة ، وكانت له وزير صدق على الإسلام يشكو إليها ، وبهلاك عمه أبي طالب ، وكان له عضداً وحرزاً في أمره ، ومنعة وناصراً على قومه ، وذلك قبل مهاجرته إلى المدينة بثلاث سنين .
ويقول : فلما تقارب من أبي طالب الموت ، قال : نظر العباس إليه يُحرّك شفتيه ، قال فأصغى إليه بإذنه ، قال : فقال : يا ابن أخي ، والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها ، قال : فقال رسول الله (ص) : لم أسمع .
أقول : يظهر من الروايات أنّ أبا طالب كان يرى صلاح النبي (ص) وصلاح المسلمين في التقيّة وإخفاء إسلامه عن الناس ، حتى يتمكّن من التأييد والنصر والدفاع عن رسول الله (ص) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ مستدرك الحاكم ، ج 2 ، ص622 .
2 ـ الفائق ، ج 2 ، ص439 .
3 ـ التهذيب ، ج 7 ، ص347 .
4 ـ تذكرة الخواص ، ص5 .
5 ـ الطبقات ، ج 1 ، ص124 .
6 ـ تذكرة الخواص ، ص6 .
7 ـ السيرة النبوية ، ج 1 ، ص299 .
8 ـ نفس المصدر ، ص377 .
أبو طالب والد عليّ (ع)
- الزيارات: 3034