• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فتنة : خروج عائشة

الفائق : أم سلمة (رضي الله تعالى عنها) أتت عائشة لما أرادت الخروج إلى البصرة ، فقالت لها : إنك سدّة بين رسول الله (ص) وأمته ، وحجابك مضروب على حرمته ، وقد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه ، وسكّن عُقيراك فلا تصحريها ، الله من وراء هذه الأمة ، لو أراد رسول الله (ص) أن يعهد إليك عهد ، عُلتِ عُلتِ ، بل قد نهاك رسول الله (ص) عن الفُرطة في البلاد . إن عمود الإسلام لا يثاب بالنساء إن مال ، ولا يُرأب بهن إن صُدع ، حُماديات النساء غضّ الإطراف وخَفَر الأعراض وقِصَر الوَهازة ، ما كنتِ قائلة لو أن رسول الله (ص) عارضك ببعض الفلوات ناصة قلوصاً من منهل إلى آخر ، إنّ بعين الله مهواك ، وعلى رسوله تردين ، قد وجّهت سِدافته ، وتركت عُهيّداه ، لو سرتُ مسيرك هذا ثم قيل ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمداً هاتكة حجاباً قد ضربه عليّ . اجعلي حصنك بيتك ووقاعة الستر قبرك ، حتى تلقينه وأنت على تلك أطوع ما تكونين لله ما لزمته . (1)
قال الزمخشري ـ السُدة : الباب . ندح الشيء : فتحه ووسعه . عقر : إذا بقي في مكانه وكأنها تصغير العقرى . أصحر : خرج إلى الصحراء . والعول : الميل . والفُرطة : التقدم . وأثابه : إذا قوّمه . وحُماداك : قُصاراك وغاية أمرك . والخَفر : الأمن والاستيجار . الوهازة : الخطوة . ونص الناقة : دفعها في السير . وتوجيه السدافة : هتك الستارة . والعُهيّدي : من العهد . وقاعة السِتر : ساحته وموضعه . والضمير في لزمته للستر . انتهى ملخصاً .
وقريب منها في  العقد الفريد . (2)
تاريخ الطبري : خرجت عائشة نحو المدينة من مكة بعد مقتل عثمان واجتمع الناس على عليّ والأمر أمر الغوغاء . فقالت : ما أظن ذلك تاماً ! رُدوني . فانصرف راجعة إلى مكة حتى إذا دخلتها أتاها عبد الله بن عامر الحضرميّ وكان أمير عثمان عليها ، فقال : ما ردك يا أم المؤمنين ؟ قالت : ردّني أن عثمان قتل مظلوماً وأن الأمر لا يستقيم ولهذه الغوغاء أمر ، فاطلبوا بدم عثمان تُعزّوا الإسلام !! فكان أول من أجابها عبد الله بن عامر الحضرمي ، وذلك أول ما تكلمت بنو أمية بالحجاز ورفعوا رؤوسهم ، وقام معهم سعيد بن العاص والوليد بن عقبة وسائر بني أمية ، وقد قدم عليهم عبد الله بن عامر من البصرة ويعلي بن أمية من اليمن وطلحة والزبير من المدينة ، واجتمع ملأهم بعد نظر طويل في أمرهم على البصرة ، وقالت : أيها الناس ، إن هذا حدث عظيم وأمر منكر ، فانهضوا فيه إلى إخوانكم من أهل البصرة فأنكروه ، فقد كفاكم أهل الشام ما عندهم لعل الله عَزَّ وجَلَّ يدرك لعثمان وللمسلمين بثأرهم . (3)
أقول : قد مرّ أن عائشة كانت ممن يطعن في عثمان ويأمر الناس بطرده وإنكاره وخلافه ونقض بيعته .
ويروى أيضاً : وقد كان أزواج النبي (ص) معها على قصد المدينة فلما تحول رأيها إلى البصرة تركن ذلك وانطلق القوم بعدها إلى حفصة ، فقالت : رأيي تبع لرأي عائشة حتى إذا لم يبق إلا الخروج . قالوا : كيف نستقل وليس معنا مال نجهّز به الناس ، فقال يعلى بن أمية معي ستمئة ألف وستمئة بعير فاركبوها ، وقال ابن عامر ، معي كذا وكذا ، فتجهزوا به ، فنادى المنادي : أن أم المؤمنين وطلحة والزبير شاخصون إلى البصرة فمن كان يريد إعزاز الإسلام وقتال المحلين والطلب بثأر عثمان ! ولم يكن عنده مركب ولم يكن له جهاز فهذا جهاز وهذه نفقة ، فحملوا ستمئة رجل على ستمئة ناقة سوى من كان له مركب ، وكانوا جميعا ألفاً وتجهّزوا بالمال ونادوا بالرحيل واستقلوا ذاهبين ، وأرادت حفصة الخروج فأتاها عبد الله بن عمر فطلب إليها أن تقعد فقعدت .  (4)
أقول : من أعجب العجب نداء المنادي بتلك الكلمات :
1 ـ قوله : (من كان يريد إعزاز الإسلام) لا أدري بخروجهم على الخليفة الحق يُعز الإسلام أو بإثارة الفتنة ؟!
2 ـ قوله : (قتال المُحلين) إن كان نظرهم إلى قتال المحلين ، فهؤلاء الثلاثة ( طلحة ، الزبير ، عائشة ) في رأس المحلين والمخالفين .
3 ـ قوله : (والطلب بثأر عثمان) هذا الكلام في غاية الضعف ، فإن طالب الثأر يلزم أن يكون : وليّ الدم ، وإماماً ، أو قاضياً منصوباً .
الطبقات : فلما خرج طلحة والزبير وعائشة من مكة يريدون البصرة خرج معهم سعيد بن العاص ومروان بن الحكم وعبد الرحمن بن عتّاب والمغيرة بن شعبة . فلما نزلوا ، مر الظهران ، ويقال : ذات عرق ، قام سعيد بن العاص فحمد الله ... : وقد زعمتم ـ أيها الناس ـ أنكم إنما تخرجون تطلبون بدم عثمان ، فإن كنتم ذلك تريدون فإن قتلة عثمان على صدور هذه المطيّ وأعجازها فميلوا عليها بأسيافكم وإلا فانصرفوا إلى منازلكم ولا تقتلوا في رضي المخلوقين أنفسكم ، فقال مروان : لا بل نضرب بعضهم ببعض فمن قتل كان الظفر فيه ويبقى الباقي فنطلبه وهو واهن ، وقام المغيرة وقال : إن الرأي ما رأى سعيد ، من كان من هوازن فأحب أن يتّبعني فليفعل ! فتبعه منهم أناس وخرج حتى نزل الطائف ، ورجع سعيد بن العاص بمن اتبعه حتى نزل مكة فلم يزل بها حتى مضى الجمل وصفّين . (5)
تاريخ الطبري : لقى سعيد بن العاص مروان بن الحكم وأصحابه بذات عِرق فقال : أين تذهبون وثأركم على أعجاز الإبل ! اقتلوهم ثم ارجعوا إلى منازلكم ! لا تقتلوا أنفسكم ، قالوا : بل نسير فلعلنا نقتل قتلة عثمان جميعاً ، فخلا سعيد بطلحة والزبير فقال : إن ظفرتما لمن تجعلان الأمر ؟ أصدقاني ! قالا : لأحدنا أيّن اختاره الناس . قال : بل اجعلوا لولد عثمان فإنكم خرجتم تطلبون بدمه . قالا : ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم ! . (6)
أقول : في هذه الكلمات موارد للاعتبار :
1 ـ قد مر في فصل قتل عثمان : أن أول من نصح عثمان وأعانه وذبّ عنه أمير المؤمنين (ع) ، وممن خالفه وعانده وأثار الناس عليه الذين يطلبون بدمه ، كما قال سعيد : وثأركم على أعجاز الإبل .
2 ـ يستكشف أن مخالفة هؤلاء وخروجهم على أمير المؤمنين (ع) إنما كان لطلب الرئاسة وتحصيل الدنيا ولأغراض شخصية .
3 ـ جعلُ الإمارة والسلطنة الدينية باختيار الناس في الزبير أو في طلحة ؛ مخالف لأي قول ، فإنهم مجمعون بأن الخلافة إما بالنص والوصية من السابق ، أو بإجماع الصحابة والمسلمين على اختيار من هو أصلح وأفضل ، وأما اختيار جمع من الناس فغير مستقيم وإلا فيختار الناس في كل بلد إماماً .
ويروى أيضاً : وأقبل غلام من جهينة على محمد بن طلحة ، وكان محمد رجلاً عابداً ، فقال : أخبرني عن قتلة عثمان ؟ فقال : نعم ؛ دم عثمان ثلاثة أثلاث ، ثُلث على صاحبة الهودج ، يعني عائشة ، وثُلث على صاحب الجمل الأحمر ، يعني طلحة ، وثُلث على علي بن أبي طالب ، وضحك الغلام وقال : ألا أراني على ضلال ؟! ولحق بعلي وقال في ذلك شعراً :
سألت ابنَ طلحة عن هالك = بجوف المدينة لم يُقبَر
فقال ثلاثة رَهط هم = أماتوا ابن عفان واستعبر
فثُلث على تلك في خِدرها = وثُلث على راكب الأحمر
وثلث على علي ابن أبي طالب = ونحن بَدوِيّة قَرقَر
فقلت صدقت على الأوَّلين = وأخطأت في الثالث الأزهر (7)
أقول : فإذا اعترف ابن طلحة بأن الثلثين من دم عثمان على طلحة وعائشة ، فاعترافه عليهما نافذ ومعتبر ، فإنه اعتراف على نفسه . وأما نسبة ثُلث الدم إلى أمير المؤمنين (ع) ، فهي محتاجة إلى الإثبات ولا دليل لها ، بل الظاهر من كتب التاريخ والحديث خلافها ، وقد مرّ ما يدل على أنه كان ممن أعان عثمان ودفع عنه ونصح له .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الفائق ، ج 1 ، ص 584 .
2 ـ العقد الفريد ، ج 4 ، ص 316 .
3 ـ تاريخ الطبري ، ج 5 ، ص 166 .
4 ـ تاريخ الطبري ، ج 5 ، ص 167 .
5 ـ الطبقات ، ج 5 ، ص 34 .
6 ـ تاريخ الطبري ، ج 5 ، ص 168 .
7 ـ تاريخ الطبري ، ج 5 ص176 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page