كان أمير المؤمنين عليّ (ع) يصاحب رسول الله (ص) ليلاً ونهاراً ، سفراً وحضراً ، إن كان يسأله وإلاّ يبتدئُه ، يحبّ رسول الله (ص) ويطيعه ولم يزل كان معه ، إلى أن ارتحل (ص) إلى دار الخلد .
الطبقات : عن جابر : أنّ كعب الأحبار قام زمن عمر فقال ( ونحن جلوس عند عمر أمير المؤمنين ) : ما كان آخر ما تكلّمّ به رسول الله (ص) ؟ قال عمر : سل عياً . قال : أين هو ؟ قال : هو هنا ، فسأله ، فقال عليّ : أسندته إلى صدري فوضع رأسه على منكبي ، فقال : الصلاة الصلاة ! فقال كعب : كذلك آخر عهد الأنبياء وبه أُمروا وعليه يبعثون . قال : فمن غسّله يا أمير المؤمنين ؟ قال : سلّ علياً ، قال : فسأله ؟ فقال : كنت أنا أغسّله وكان العبّاس جالساً وكان أسامة وشقران يختلفان إليّ بالماء . (1)
ويروي أيضاً : عن عليّ : قال رسول الله (ص) في مرضه : أدعوا إليّ أخي ، قال : فدُعي له عليّ ، فقال : ادنُ منّي ، فدنوت منه فاستند إليّ فلم يزل مستندا إليّ وإنّه ليكلّمني ، حتى أنّ بعض ريق النبيّ (ص) لَيصيبني . (2)
ويروي أيضاً : عن علي بن الحسين : قبض رسول الله (ص) ورأسه في حجر عليّ .
ويروي أيضاً : عن الشعبي : قال : توفّي رسول الله (ص) ورأسه في حجر علي وغسّله علي ، والفضل محتضنه ، وأسامة يناول الفضل الماء .
ويروي أيضاً : عن أبي غطفان : قال : سألت ابن عبّاس أرأيت رسول الله (ص) توفّي ورأسه في حجر أحد ؟ قال : توفي وهو مستند إلى صدر عليّ ، قلت : فإنّ عروة حدثني عن عائشة أنّها قالت : توفّي رسول الله (ص) بين سحري ونحري . قال ابن عبّاس : أتعقل ؟! والله لتوفى رسول الله (ص) وإنّه لمستند إلى صدر عليّ وهو الذي غسّله وأخي الفضل بن عبّاس .
أقول : يستنبط من هذه الروايات أمور :
الأوّل : أنّ علياً هو آخر من صحب رسول الله (ص) .
الثاني : أنّه أحبُّ الناس وأقربهم من رسول الله (ص) ، وموضع سرّه ، والذي كان يحبّ رسول الله (ص) صُحبته في آخر ساعة من حياته .
الثالث : أنّ رسول الله (ص) قد حُضر ورأسه على صدره .
الرابع : هو الذي تصدّى لتغسيل رسول الله (ص) إذ كان الآخرون مشغولين بمقدّمات الخلافة والحكومة .
الخامس : يظهر من هذه الروايات أنّ الأحاديث الواردة الدالة على أنّ رسول الله (ص) قُبض ورأسه على صدر عائشة ، مجعولة غير ثابتة .
الاستيعاب : وقال الفضل بن عباس بن عُتية :
ما كنت أحسب أنّ الأمـر منصرفٌ = عن هاشمٍ ثمّ منها عن أبي الحسنِ
أليس أوّل مـن صلّــى بقبلتكــم = وأعلم النــاس بالقـرآن والسننِ
وزاد أبو الفتح :
وآخر النــاس عهــداً بالنبـيّ ومَن = جبريــل عون له في الغسل والكفن
من فيه ما فيهـم لا تمتــرون بــه = وليس في القوم ما فيه من الحسن (3)
رجال أصبهان : عن حذيفة قال : دخلت على النبيّ (ص) في وجعه الذي توفّى فيه وعلي بن أبي طالب مسنده إلى صدره ، فقلت لعليّ دعني فقد سهرت منذ الليلة ، فقال النبيّ (ص) : دعه فهو أحقّ به . (4)
خصائص النسائي : عن أمّ سلمة : إنّ أقرب الناس عهداً برسول الله (ص) عليّ رضي الله عنه .
ويروي أيضاً عنها : قالت : لمّا كان غدوة قُبض رسول الله (ص) ، فأرسل إلى عليّ رضي الله عنه ، قالت : وأظنّه كان بعثه في حاجة ، فجعل يقول : جاء عليّ ، ثلاث مرّات ، فجاء قبل طلوع الشمس ، فلمّا أن جاء عرفنا أنّ له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت وكنّا عند رسول الله (ص) يومئذٍ في بيت عائشة ، وكنت في آخر مَن خَرج من البيت ، ثمّ جلست من وراء الباب فكنت أدناهم إلى الباب ، فأكبّ عليه عليّ رضي الله عنه فكان آخر الناس به عهداً فجعل يسارّه ويناجيه . (5)
رجال أصبهان ومستدرك الحاكم : عن أمّ سلمة قالت : والذي أحلف به أنّ كان عليّ لأقرب الناس عهداً لرسول الله (ص) ، عدنا رسول الله (ص) غداة وهو يقول : جاء عليّ ؟ جاء عليّ ؟ مراراً ، فقالت فاطمة رضي الله عنها : كأنّك بعثته في حاجة ، قالت : فجاء بعد ، قالت أم سلمة : فظننت أنّ له إليه حاجة ، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب وكنت مِن أدناهم إلى الباب ، فاكبّ عليه رسول الله (ص) وجعل يسارّه ويناجيه ، ثمّ قبض رسول الله (ص) من يومه ذلك ، فكان علي أقرب الناس عهداً . (6)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الطبقات ، ج 2 ، ص 262 .
2 ـ الطبقات ، ج 2 ، ص 263 .
3 ـ الاستيعاب ، ج 3 ، ص 1133 .
4 ـ رجال أصبهان ، ج 1 ، ص 131 .
5 ـ خصائص النسائي ، ص 28 .
6 ـ رجال أصبهان ، ج 1 ، ص 50 ومستدرك الحاكم ، ج 3 ، ص 138 .
أنّه آخر الناس عهداً برسول الله (ص)
- الزيارات: 3121