سنن الترمذي : عن رسول الله (ص) قال : يا معشر قريش ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين ، قد امتحن الله قلبه على الإيمان ، قالوا : من هو يا رسول الله ؟ فقال له أبو بكر : من هو يا رسول الله ؟ وقال عمر : من هو يا رسول الله ؟ قال : هو خاصف النعل ، وكان أعطى علياً نعله يخصفها . (1)
خصائص النسائي : جاء النبيّ (ص) أناس من قريش فقالوا : يا محمّد ، إنّا جيرانك وحلفاؤك وأنّ من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين ولا رغبة في الفقه إنّما فروا من ضياعنا وأموالنا فارددهم إلينا فقال لأبي بكر : ما تقول ؟ قال : صدقوا إنّهم لجيرانك وحلفاؤك ، فتغيّر وجه النبيّ (ص) ، ثمّ قال لعمر : ما تقول ؟ قال : صدقوا إنّهم لجيرانك وحلفاؤك ، فتغير وجه النبيّ (ص) ، ثمّ قال : يا معشر قريش والله ليبعثنَّ الله عليكم رجلاً منكم امتحن الله قلبه للإيمان فيضربكم على الدين ـ أو : يضرب بعضكم ـ قال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا . قال عمر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا . ولكن ذلك الذي يخصف النعل . وقد كان أعطى علياً نعلاً يخصفها . (2)
ويروي أيضاً : عن أُبي : قال رسول الله (ص) : لينتهينَ بنو ربيعة أو لأبعثنّ عليهم رجلاً كنفسي يُنفذ فيهم أمري ، فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية . فما راعني إلاّ وكفّ عمر في حجزتي من خلفي ، مَن يعني ؟ قلت : إياك يعني وصاحبك ، قال : فمن يعني ؟ قلت خاصف النعل ، قال ، وعلي يخصف النعل . (3)
ويروي أيضاً : عن أبي سعيد الخدري قال : كنّا جلوسا ننظر رسول الله (ص) فخرج إلينا قد انقطع شِسع نعله فرمى به إلى عليّ رضي الله عنه ، فقال : إنّ منكم رجلا يقاتل الناس على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله . قال أبو بكر : أنا ؟ قال : لا . قال عمر : أنا ؟ قال : لا ، ولكن خاصف النعل . (4)
المحاسن للبيهقي : عن عليّ قال ، قال رسول الله (ص) : يا معشر قريش ، والله ليبعثنَّ الله عليكم رجلاً منكم قد امتحن الله قلبه للإيمان يضرب رقابكم على الدين . فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا . فقال عمر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولكنّه خاصف النعل . وأنا أخصف نعل رسول الله (ص) . (5)
مستدرك الحاكم : عن ربعي عن عليّ (ع) مثله . (6)
وفي المستدرك : كما في الخصائص ، ص 29 ، وفيه : يعني علياً ، فأتيناه فبشّرناه فلم يرفع به رأسه ، كأنّه قد كان سمعه من رسول الله (ص) هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه . (7)
أقول : هذه الروايات تشير إلى كمال مجاهدته وسعيه في نفوذ الإسلام واقتدار المسلمين وتوسعة حكومة الحق ودحض شوكة الباطل وأهله ، وقد عبر عن مجاهدته بتعبيرين إشارة إلى أنّ مجاهدته تقع في زمان حياة رسول الله (ص) ، وبعد حياته .
وعبّر عن الأوّل بجملة ـ يضرب رقابكم على الدين ـ فإنّ الجهاد في زمان رسول الله (ص) كان على الدين .
وعبّر الثاني بجملة ـ يقاتل الناس على تأويل القرآن ـ فإنّ وظيفة الإمام بيان حقائق الدين وتفسير مصاديق الآيات وتوضيح المقاصد والمطالب ودفع الشكوك والشبهات .
الاستيعاب : عن المطّلب ، قال رسول الله (ص) لوفد ثقيف حين جاءه : لتسلمُن أو لأبعثن رجلاً منّي ـ أو قال مثل نفسي ـ فليضربن أعناقكم ، وليسببن ذراريكم ، وليأخذن أموالكم ، قال عمر : فوالله ما تمنيت الإمارة إلاّ يومئذ ، وجعلت أنصب صدري له رجاء أن يقول : هو هذا . قال فالتفت إلى علي (رض) فأخذ بيده ثم قال : هو هذا . (8)
المستدرك : عن عبد الرحمن بن عوف قال : افتتح رسول الله (ص) مكّة ثمّ انصرف إلى الطائف فحاصرهم ثمانية أو سبعة ... ثم قال : أيّها الناس إنّي لكم فرط وإنّي أوصيكم بعترتي خيراً موعدكم الحوض ، والذي نفسي بيده لتقيمنّ الصلاة ، ولتؤتون الزكاة أو لأبعثن عليكم رجلاً منّي ـ أو كنفسي ـ فليضربنّ أعناق مقاتليهم وليسبين ذراريهم . قال فرأى الناس إنه يعني أبا بكر وعمر ، فأخذ بيد علي فقال : هذا . (9)
أقول : يستفاد من هذه الروايات الشريفة أمور :
1 ـ ليبعثن الله من يضرب رقابكم بالسيف على الدين : تدلّ على كمال مجاهدته ، وأنّها على الدين الخالص ، وقد بعث من الله تعالى .
2 ـ قد امتحن الله قلبه على الإيمان : تدلّ على استقرار إيمانه وثبوته ورسوخه في الله ومن الله ، بحيث لا يقبل التزلزل .
3 ـ قال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا . تدلّ على استشراف أبي بكر وعمر لهذه المنزلة ، وقال : هو خاصف النعل .
4 ـ يقاتل الناس على تأويل القرآن : تدل على إمامته وخلافته بعد رسول الله (ص) فإنّ هذه من وظائف الإمام ، وهو موظف على أن يجاهد حتى يتبيّن للناس ما اختلفوا فيه ، ويتّضح التأويل وترتفع الشكوك . وأمّا النبي (ص) : فهو يجاهد على تنزيل القرآن واصله .
5 ـ رجلا منّي أو كنفسي : وهذا دليل آخر على علوّ مرتبته وسموّ مقامه .
6 ـ فليضربن أعناق مقاتليهم : تدلّ على كمال شجاعته ونهاية مجاهدته ، ونروي روايات مخصوصة بهذا الموضوع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ سنن الترمذي ، ص 533 .
2 ـ خصائص النسائي ، ص 8 .
3 ـ نفس المصدر ، ص 14 .
4 ـ نفس المصدر السابق ، ص 29 .
5 ـ المحاسن للبيهقي ، ص 41 .
6 ـ مستدرك الحاكم ، ج 2 ، ص 138 .
7 ـ نفس المصدر ، ج 3 ، ص 123 .
8 ـ الاستيعاب ، ج 3 ، ص 1110 .
9 ـ مستدرك الحاكم ، ج 2 ، ص 120 .
ضربَ الرقابَ على الدين وحده
- الزيارات: 2950