وممّا يدلّ على شدّة الاختصاص وكما الاتّفاق وتمام المحبّة بين رسول الله (ص) وبين عليّ بن أبي طالب : دعاؤه (ص) له بما يدعو لنفسه ، وأذنه (ص) لدخوله عليه في أي وقت ، وجواب عن سؤاله إذا سأل ، وابتداؤه إذا سكت ، ودعاؤه لبرئه من مرضه .
مسند أحمد : عن النعمان ، استأذن أبو بكر على رسول الله (ص) فسمع صوت عايشة عالياً وهي تقول : والله لقد عرفت أنّ علياً أحبّ إليك من أبي ومنّي مرّتين أو ثلاثا ، فاستأذن أبو بكر فدخل فأهوى إليها ، فقال يا بنت فلانة ألا أسمعك ترفعين صوتك على رسول الله (ص) . (1)
خصائص النسائي : عن عليّ (رضي الله عنه) ، قال : مرضتُ فعادني رسول الله (ص) ، فدخل عليّ وأنا مضطجع فاتكأ إلى جنبي ثمّ سجّاني بثوبه ، فلما رآني قد برئت قام إلى المسجد يصلّي ، فلما قضى صلاته جاء فرفع الثوب ، وقال : قم يا علي فقمت وقد برئت كأنّما لم أشْكُ شيئاً قبل ذلك ، فقال : ما سألت ربّي شيئاً في صلاتي إلاّ أعطاني ، وما سألت لنفسي شيئاً إلاّ سألت لك . (2)
ويروي أيضاً : عنه (رضي الله عنه) قال : وجعت وجعاً فأتيت ، فأقامني في مكانه وقام يصلّي وألقى عليّ طرف ثوبه ، ثمّ قال : قم يا علي ! قد برئت لا بأس عليك ، وما دعوت لنفسي بشيءٍ إلاّ دعوت لك بمثله ، وما دعوت بشيء إلاّ استجيب لي ، إلاّ أنّه قيل لي لا نبيَّ بعدي .
أقول : يدلّ هذا الحديث على أنّ النبيّ (ص) قد دعا لعليّ وسأل الله تعالى له أعلى المقامات وارفع المراتب ، كما دعا لنفسه وقد استجيبت دعوته كلّها ما خلا النبوّة ، وما سأل لنفسه بشيء إلا سأل له بمثله .
خصائص النسائي : قال عليّ (رضي الله عنه) : كان لي من النبيّ (ص) مدخلان ؛ مدخل بالليل ومدخل بالنهار ، إذا دخلت بالليل تنحنح لي . (3)
ويروي أيضاً : قال عليّ : كنت أدخل على نبيّ الله (ص) كلّ ليلة ، فإن كان يصلّي سبّح فدخلت ، وان لم يكن يصلّي أَذِن لي فدخلت .
ويروي أيضاً : قال علي : كان لي ساعة من السحر أدخل فيها على رسول الله (ص) ، فإن كان في صلاته سبّح ، وإن لم يكن في صلاته أذن لي .
أقول : يظهر من هذه الأحاديث كمال اختصاصه بالنبيّ (ص) وشدّة المحبّة والصميمية بينهما . ويدلّ عليه ما يروي الحاكم في المستدرك عن أم سلمة : أنّ النبي (ص) كان إذا غضب لم يجترئ أحد منّا يكلّمه غير عليّ بن أبي طالب (رض) . (4)
تهذيب ابن عساكر : عن قيس قال : سُئل عليّ عن نفسه ؟ قال : كنت إذا سكتُّ أُُبتديت وإذا سألت أُعطيت ، فإنّ بين دفتيّ علماً جمّا . (5)
سنن الترمذي والمستدرك للحاكم : قال عليّ : كنت إذا سألت رسول الله (ص) أعطاني وإذا سكتّ ابتدأني (6) .
أقول : هذه الرواية تدلّ على غاية حبّه (ص) لعليّ وكمال علاقته به ، والسؤال والإعطاء والسكوت والابتداء تشمل جميع الموارد من المال والعلم والحكمة وحوائج أخرى .
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
خصائص النسائي : كما في الترمذي . (7)
الطبقات : قيل لعلي : مالك أكثر أصحاب رسول الله (ص) حديثاً ؟ فقال إنّي كنت إذا سألتُه أنبأني ، وإذا سكتُ ابتدأني . (8)
أقول : يريد أنّ النبيَّ (ص) له توجّه مخصوص وتعمّد في تعليمي والمذاكرة معي قبل أن يكون سؤال من جانبي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ مسند أحمد ، ج 4 ، ص 275 .
2 ـ خصائص النسائي ، ص 27 .
3 ـ خصائص النسائي ، ص 21 .
4 ـ مستدرك الحاكم ، ج 3، ص 130 .
5 ـ تهذيب ابن عساكر ، ج 4، ص 97 .
6 ـ سنن الترمذي ، ص 534 ، والمستدرك للحاكم ، ج 3 ، ص 125 .
7 ـ خصائص النسائي ، ص 21 .
8 ـ الطبقات ، ج 2، ص 338 .
ما يدلّ على شدّة الاختصاص
- الزيارات: 2707