المقاتل : وكان رسول الله (ص) أخذ علياً من أبيه وهو صغير في سنةٍ أصابت قريشاً وقحط نالهم ، وأخذ حمزة جعفراً وأخذ العبّاس طالباً ؛ ليكفوا أباهم مؤنتهم ويخفّفوا عنه ثقلهم ، فقال رسول الله (ص) : اخترت مَن اختار الله لي عليكم : علياً . (1)
مستدرك الحاكم : عن مجاهد قال : كان من نعم الله على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ما صنع الله له وأراده به من الخير ، أنّ قريشا أصابتهم أزمة شديدة ، وكان أبو طالب في عيال كثير ، فقال رسول الله (ص) لعمّه العباس : إنّ أخاك أبا طالب كثير العيال فانطلق بنا إليه نُخفف عنه ... فأخذ رسول الله (ص) علياً فضمّه إليه وأخذ العبّاس جعفراً فضمه إليه ، فلم يزل علي مع رسول الله (ص) حتى بعثه الله فاتبعه وصدّقه . (2)
أقول : هذه أوّل مرحلة من حياة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، حيث ربّي في حجر رسول الله (ص) ، ولم يزل معه حتى بعثه الله فاتّبعه ، وقال رسول الله (ص) : اخترت من اختار الله لي عليكم علياً . ولا ريب أنّ التربية الأوّلية لها غاية التأثير في المراحل المتأخّرة من الحياة ، ومن آثارها : أن وفّقه الله تعالى حتى آمن به وصدّق رسول الله (ص) قبل أن يؤمن به آخرون .
وما أحسن ما يقول المقريزي في إمتاع الأسماع : وأمّا عليّ بن أبي طالب فلم يشرك بالله قط ؛ وذلك أنّ الله تعالى أراد به الخير فجعله في كفالة ابن عمّه سيد المرسلين محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فعندما أتى رسول الله (ص) الوحي وأخبر خديجة رضي الله عنها وصدقت ، كانت هي وعليّ بن أبي طالب وزيد بن حارثة ـ حِبّ رسول الله (ص) ـ يُصلّون معه ، وكان يخرج إلى الكعبة أوّل النهار فيصلّي صلاة الضحى ، وكانت صلاة لا تنكرها قريش . فلم يحتجّ عليّ رضي الله عنه أن يُدعى ولا كان مشركاً حتى يوحّد فيقال أسلم ، بل كان عندما أوحى الله إلى رسول الله (ص) عمره ثماني سنين ، وقيل سبع سنين وقيل إحدى عشرة سنة ، وكان مع رسول الله (ص) في منزله بين أهله كأحد أولاده يتّبعه في جميع أحواله ، وكان أبو بكر أوّل من أسلم ممّن له أهلية الذّب عن رسول الله (ص) والحماية والمناصرة ، هذا هو التحقيق في المسألة . (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ المقاتل ، ص 26 .
2 ـ مستدرك الحاكم ، ج 3 ، ص 576 .
3 ـ إمتاع الأسماع ، ج 1 ، ص 16 .
تربية عليّ بن أبي طالب (ع)
- الزيارات: 2820