فـي الوقت الذي , تسعى الاكثرية من الناس في امور معاشهم , ورفع احتياجاتهم اليومية للحياة , غير مبالين بالمعنويات , نجد ان هناك غريزة في وجودهم , تدعى غريزة حب الذات , نراها تنمو عندهم , وتجبرهم على ادراك مجموعة من القضايا المعنوية .
كـل انـسـان (عـلى الرغم من ان السفسطائيين والشكالين يسمون كل حقيقة واقعية خرافة ) يؤمن بواقعيات ثابتة , ونراه احيانا, ينظر بفطرته وضميره المنزه , الى الواقعيات الثابتة في الكون , هذامن جـهة , ومن جهة اخرى , يحس بفنا اجزا هذا العالم , فانه يرى العالم وظواهره كالمرآة التي تعكس الـواقـعيات الثابتة الخلابة , وعند احساس لذاتها,تجعل اللذائذ الاخرى حقيرة في نظره , وبالتالي تجعله ينصرف عن الحياة الفتانة الفانية .
هـذا هـو مـدى جـاذبـيـة العرفان , التي تسلك بالمؤمن الى العالم العلوي , وتقر في قلبه عظمة اللّه وجـلاله , فينسى كل شئ , ويغفل عنه , وتحرضه على ان ينبذ كل مايتمناه ويرجوه في هذه الحياة , وتدعوه الى عبادة اللّه الذي لا يرى , وهو اوضح من كل ما يرى ويسمع .
وفـي الحقيقة ان هذه الجاذبية الباطنية , هي التي قد اوجدت في عالم الانسان ,سبل عبادة اللّه تعالى والعارف هو الذي يعبد اللّه سبحانه عن حب واخلاص , لا عن امل وثواب ولا عن خوف وعذاب من هـنـا يـتـضح ان العرفان ليس مذهبا في قبال المذاهب الاخرى , بل العرفان طريق من طرق العبادة (عـبـادة لـلـحب والاخلاص , لا للخوف والرجا) وهو طريق لدرك وفهم حقائق الاديان , في قبال طريق الظواهر الدينية وطريق التفكر العقلي .
كـل الاديـان الالـهـية , وحتى الوثنية , لها اتباعها, فهم يسلكون هذا الطريق ايضا,فلكل من الوثنية واليهودية والمسيحية والمجوسية والاسلام , لها اناس عارفون وغيرعارفين .
الانسان ودركه للعرفان
- الزيارات: 2287