• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ظاهر القرآن وباطنه

اتضح ان القرآن الكريم بالفاظه وبيانه , يوضح الاغراض الدينية , ويعطي الاحكام اللازمة للناس في الاعـتـقادات والعمل بها, ولكن اغراض القرآن لا تنحصربهذه المرحلة , فان في كنه هذه الالفاظ وهـذه الاغـراض , تـستقر مرحلة معنوية , واغراض اكثر عمقا, والذي يدركه الخواص بقلوبهم , الطاهرة المنزهة .
فالنبي العظيم , وهو المعلم الالهي للقرآن يقول : ظاهر انيق وباطن عميق ويقول ايضا ((للقرآن بطن وظـهـر ولبطنه بطن , الى سبعة بطون )), وقد ورد الكثير عن باطن القرآن , في اقوال اهل البيت (ع ).
فالاصل في هذه الروايات , هو التشبيه الذي قد ذكره اللّه تعالى في سورة الرعدالاية 17 يشبه فيه الافاضات السماوية بالمطر الذي يهطل من السما بقوله :.
((انزل من السما ما فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا وممايوقدون عليه في النار ابتغا حـلـية او متاع زبد مثله , كذلك يضرب اللّه الحق والباطل ,فاما الزبد فيذهب جفا واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض كذلك يضرب اللّه الامثال )).
وتـشـيـر هـذه الايـة الى ان استيعاب الناس وقدرتهم على اكتساب المعارف السماوية والتي تنير النفوس , وتمنحها الحياة , متفاوتة .
فـهـناك من لا يعطي الاصالة لهذا العالم الذي سرعان ما يزول الا للمادة والحياة المادية , ولا يرجو سـوى مـا تـشـتـهيه نفسه من الحياة المادية , ولا يخشى الا الحرمان منها,وهؤلا على اختلاف في مراتبهم .
وغاية ما يمكن قبوله من المعارف السماوية , هو الاعتقاد بمجمل من المعتقدات , وادا احكام الاسلام العملية ظاهرا, ومن ثم عبادة اللّه جل شانه املا في الثواب وخوفا من العقاب .
وهـناك اناس اثر صفا فطرتهم لا يرون السعادة بالركون الى لذائذ هذه الحياة بايامها القليلة الزائلة , ومـا الـفائدة والضرر, والسعادة والبؤس في هذه الحياة الا ظن مغر,وما اولئك الذين كانوا بالامس سعدا, واصبحوا اليوم قصصا تروى , سوى دروس عبرلهم تلقى في اذهانهم باستمرار وعلى الدوام .
وهؤلا بالطبع يتجهون بقلوبهم المنزهة الى العالم الابدي وينظرون الى هذاالعالم بما فيه من مظاهر مختلفة , بانها دلالات واشارات لا غير, وليست فيها اية اصالة اواستقلال .
وعـنـدمـا تفتح لهم ابواب من المعرفة والادراك المعنوي للايات والظواهرالارضية والسماوية , وتشرق في نفوسهم انوار غير متناهية من عظمة وجلال الخالق سبحانه , وتعجب نفوسهم وقلوبهم الـطـاهـرة بـرمـوز الخليقة اعجابا, تعرج ارواحهم في الفضا غير المتناهي للعالم الابدي بدلا من انغماسها في مصالحها المادية الخاصة .
وعـندما يستمعون عن طريق الوحي الالهي , ان اللّه تعالى قد نهى عن عبادة الاوثان , وظاهر الاية مـثـلا الـتعظيم امام الاصنام , فانهم يدركون ان العبادة تختص باللّه سبحانه , وليس لاحد سواه , لان حـقيقة العبادة هي العبودية المطلقة , واكثر من هذا فهم يدركون على ان الخوف والرجا لايكون الا من اللّه وللّه وحده , ويجب الا يستسلموالاهوا النفس , ولا يجوز التوجه الا للّه تعالى .
وعـنـدما يتلى عليهم حكم وجوب الصلاة , وظاهر الحكم اقامة العبادة الخاصة ,لكن بحسب الباطن , يـدركـون ان هـذه الـعـبادة يجب ان تتحقق بقلوبهم وبكل وجودهم ,واكثر من هذا يجب ان ينسوا انفسهم , فهم لا شي تجاه الخالق , ويتفانوا في عبادة اللّه وحده .
وكما هو واضح ان المعنى الباطني المستفاد من المثالين السابقين , لم يكن مدلولا لفظيا للامر او النهي بـذاته بل ـ للذي جعل مجال فكره متسعا ـ يرجح النظر الى العالم والكون على النظر في نفسه , وما تنطوي عليه من انانية وحب الذات .
ومـع هذا البيان , يتبين معنى ظاهر القرآن وباطنه , وكذلك يتضح ان باطن القرآن لا يلغي ولا يبطل ظـاهره , بل انه بمنزلة الروح التي تمنح الجسم الحياة , وبما ان الاسلام دين عام شامل وابدي , فانه يـهتم اولا وقبل كل شي باصلاح المجتمع البشري , ولايتخلى عن الاحكام الظاهرية والتي مؤداها اصلاح المجتمع , وكذا لا يتخلى عن الاعتقادات البسيطة والتي تعتبر حارسة للاحكام المشار اليها.
وكـيـف يـمكن لمجتمع ان ينال السعادة بالاقتناع ان الانسان يكفيه ان يكون منزها, وليس هناك ثمة اعتبار للعمل , ويعيش في حياة محاطة بعدم التنظيم والاستقرار؟.
وكـيـف يـمـكن لفكر سقيم واقوال سقيمة ان تخلق قلوبا طاهرة زكية , او ان يظهرمن قلب زكي , اقوالا سقيمة ؟.
ويقول تعالى في كتابه العزيز: ((الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات )).
ويقول ايضا: ((والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لايخرج الانكدا)).
ويـستفاد مما ذكرنا ان للقرآن الكريم ظاهرا وباطنا, وباطنه ايضا ذو مراتب مختلفة , والحديث هو المبى ن لمفاهيم القرآن الكريم .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page