• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فضائلــه ومناقبــه (فضائله ومناقبه سلام اللـه عليه )

وكأشعَّة الشمس ملأت فضائل الإمام (ع) الآفاق وأعطتنا ضياءً ودفئاً روحيّاً ولقد تنافس كبار علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم في سرد فضائله ، حتى ليكاد السذَّج من القراء يقولون : فعلي اذاً أفضل الناس جميعاً جاهلين بأنه آيةُ صدقٍ لرسالة محمد (ص) ومرآة صافية تتجلى فيها صورة مربيه وسيده محمد (ص) حتى قال سلام اللـه عليه :أنا عبد من عبيد محمد (ص) .
بلى إن إصرار أصحاب الرسول (ص) وأولي البصائر من التابعين والصدِّيقين من المسلمين على نشــــر فضائل الإمام (ع) كان تحدياً لخط الضلال الذي تسلط على المسلمين واجتهد لمحو معالم الحق  وهكذا خرجت فضائله عن إطار الإحصاء .
بيد أن علينا أَلاَّ ننظر إلى فضائله بصورة منفصلة عن بعضها أرأيت كيف لو مزقت زهرة وبدأت تنظر إلى كل ورقة فيها وحدها ؟.
إنَّنا حين نتحدث عن الزهد يخيَّل إلينا انطواء المرتاضين ورهبنة الهاربين عن الحياة .
وإذا تحدثنا عن العلم قفزت إلى أذهاننا صورة أولئك المنكبين على أوراقهم في المكتبات أو على أدواتهم في المختبرات ، دون ان يتحملوا المسؤولية أو يخوضوا صراعاً وإذا ذكرنا الجود تذكرنا الملوك حين يوزعون الهدايا على الملأ من قومهم ، ليستدرجوهم إلى مؤازرتهم وليضمنوا ولاءهم .
وإذا بيَّنا الشجاعة ، ارتسمت أمامنا صورة أبطال الحروب ، الذين دأبهم القتل ومهمتهم إراقة الدماء ، وهكذا .
بيد أن عليّاً (ع) غير كل أولئك لأنَّ صفاته تجليات لروحه الإيمانية ، كالنور الواحد ينعكس على الأشياء فيتجلى عليها ألواناً مختلفة ، وهكذا نور التوحيد في ضمير الإمام (ع) ينبعث في واقعه صفةً مُثلى وآيةً عُظمى للحق فحين يتجلى الرب سبحانه للقلب السليم فيثبِّته بالقول الثابت ، ويُفيض عليه من نور عزه  يصبح صاحبــــه الجواد العدل ، والشجاع الحنــــون ، والعالم المســؤول ، والزاهـــــد المتصدي ، والبكَّاء في ظــــلام الليل ، والقتَّال حين يرتفع النهار .
ويقول قائلهـم : جمعـت فــي صفـــــاتـــــك الأضــــدادُ ولهذا عزت لـــــك الأنـــــدادُ
ونقول إنها الصفات الحسنى يتبع بعضها بعضاً إنها الحب والصدق والأمانة ، تجمعها معرفة اللـه ، وتنساب منها سائر فضائل الخير .
لقد عاش لله سبحانه لأنه عرف اللـه وتنمَّر في ذات اللـه ، لأنه أوتي اليقين بعظمة ربِّه . أو لم يقل (ع) عن المؤمنين وهو أميرهم : عَظُمَ الخالقُ في أنفسهم ، فَصَغُرَ ما دونَهُ في أعينهم  واستهان بالموت لأنه أحب لقاء ربه .
وعدل في الرعية لأنه تجاوز حواجز المادة إلى حقائق الجوهر ، فأسقط كل الميزات الظاهرية ، وتحدَّى الضغط الذي يدعو إليها .
وزهد في الدنيا ، لأنه أبصر حقيقتها فصامت نفسه عنها قبــــل أن تصوم جوارحه ، وطلَّقها ثلاثاً وقال لهــا : يا دنيا يا دنيا !! إليك عنّي قد طلَّقتك ثلاثاً لا رجعة فيها [109] وأنهكته العبادة لأنه يلتقي هناك بحبيبه الكريم فلم يزل ذاكراً ربه ، يعيش قلبه بمناجاته . وهكذا كانت سائر فضائله روافد من نبع الإيمان والمعرفة واليقين وها نحن نروي لك شيئاً قليلاً منها لعلنا نزداد معرفة بإمامنا سلام اللـه عليه ، ونزداد قرباً إلى ربنا بمعرفته .
فقد روى أبو الدرداء في جمع من أصحاب النبي قصته مع الإمام علي (ع) ، وكيف شاهد جانباً من عبادته الليلية : عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير قال : كنا جلوساً في مجلس ، في مسجد رسول اللـه (ص) فتذاكرنا أعمال اهل بدر وبيعة الرضوان فقال أبو الدرداء : يا قوم أَلاَ أُخبركم بأقل القوم مالاً وأكثرهم ورعاً ، وأشدهم اجتهاداً في العبادة ؟ قالوا : مَن ؟ قال : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال : فواللـه إن كان في جماعة أهل المجلس إِلاَّ مُعرض عنه بوجهه ثم انتدَب له رجل من الأنصار فقال له : يا عويمر لقد تكلمت بكلمة ما وافقك عليها أحد منذ أتيت بها ، فقال أبو الدرداء : يا قوم إني قائل ما رأيت وليقل كل قوم منكم ما رأوا شهدت علي بن أبي طالب (ع) بشويحطات النجار ، وقد اعتزل عن مواليه ، واختفى ممن يليه ، واستتر بمغيلات النخل فافتقدتُه وبَعُدَ عَلَيَّ مكانُه فقلت : لحق بمنزله فـــإذا أنا بصوت حزين ونغمة شجىً وهو يقول : إلهي كم من موبقة حلمتَ عن مقابلتها بنقمتك ، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك ! إلهي إن طال في عصيانك عمري ، وعظم في الصحف ذنبي ، فما أنا مؤمل غير غفرانك ، ولا أنا بِرَاجٍ غيــــر رضوانـك .
فشغلني الصوت واقتفيت الأثر فإذا هو علي بن أبي طالب (ع) بعينه ، فاستترت له واخملت الحركة فركع ركعات في جوف الليل الغابر ، ثم فرغ إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى فكان مما ناجى اللـه به أن قال : إلهي أُفكِّر في عفوك فتهون عَلَيَّ خطيئتي ثم أَذكر العظيم من أخذِك فتعظم عَلَيَّ بليَّتي .
ثم قال : آه ، إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها فتقول : خذوه ! فيا له من مأخوذ لا تُنجيه عشيرته ، ولا تَنفعه قبيلته ؛ ولا يرحمه الملأ إذا أُذن فيه بالنداء ثم قال : آه من نار تنضج الأكباد والكلى ، آه من نار نزاعة للشوى ، آه من غمرة من ملهبات لظى ! .
قال : ثم أنعم في البكاء فلم أسمع له حسّاً ولا حركة ، فقلت ، غلب عليه النوم لطول السهر ، أُوقظه لصلاة الفجر قال أبو الدرداء : فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة فحرَّكته فلم يتحرك وزويته فلم ينزوِ ، فقلـــت : إنا لله وإنا إليه راجعون مات واللـه علي بن أبي طالب (ع) قال : فأتيت منزله مبادراً أنعاه إليهم ، فقالت فاطمة (ع) : يا أبا الدرداء ما كان من شأنه ومن قصته ؟ فأخبرتها الخبر  فقالت : هي واللـه يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية اللـه .
ثــــم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ، ونظر إليَّ وأنا أبكي فقال : مما بكاؤك يا أبا الـدرداء ؟. فقلــــت : مما أراه تُنزله بنفسك  فقال : يا أبا الدرداء فكيف ولو رأتني ودُعِيَ بي إلى الحساب ، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب واحتوشتني ملائكة غلاظ وزبانية فظاظ فوقفت بين يدي الملك الجبار قد أسلمني الأحبّاء ورحمني أهل الدنيا ، لَكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية .
فقال أبو الدرداء : فواللـه ما رأيت ذلك لأحد من أصحاب رسول اللـه (ص) [110] .
ولأن إمامنا (ع) كان أشد حبّاً لربِّه وأكثر أنساً به وشوقاً إليه كان يحب لقاء ربه ، ولا يبالي بالموت . فقد جاء في حديث أنه كان يطوف بين الصفين بصفّين في غلالة [111] فقال الحسن (ع) : ما هذا زي الحرب فقال : يا بني إن أباك لا يبالي وقع على الموت أو وقع الموت عليه .
وحينما علاه أشقى الآخرين بالسيف هتف عالياً : فُزْتُ وربِّ الكعبة وقد كان (ع) يتمنى الشهادة ، ويكرر هذه الكلمة باستمرار .
ما ينتظر أشقاها أن يخضبها من فوقه بدم !. لقد كان يعتبر الشهادة أسمى الطرق إلى اللـه ولقائه . فإذا وفق اللـه لها عبداً فتلك نعمة كبرى لابدّ أن يشكره عليها . يقول الإمام (ع) : لما أنزل اللـه سبحانه قوله : « الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا ءَامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ » (العنكبوت/1-2) .
علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول اللـه (ص) بين أظهرنا فقلت : يا رسول اللـه ما هذه الفتنة التي أخبرك اللـه تعالى بها ؟ فقال :يا علي إن أمتي سيفتنون من بعدي فقلت : يا رسول اللـه أوليس قد قلت لي يوم أحد حين استشهد مَن استشهد من المسلمين واخرت عني الشهادة فشق ذلك عليّ فقلت لي : أبشر فان الشهادة من ورائك ؟ فقال لي : إن ذلك لكذلك ، فكيف صبرك إذاً ؟ .
فقلت : يا رسول اللـه ليس هذا من مواطن الصبر ولكن من مواطن البشرى والشكر [112] .

****************
([109]) قصار الحكم للإمام / نهج البلاغة .
([110]) موسوعة بحار الأنوار : ( ج 41 ، ص 13 ) .
([111]) الغلالة : ثوب رقيق يلبس تحت الثوب أو تحت الدرع .
([112]) المصدر : ( ص 7 ) . 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page