طباعة

الانبيا والشرائع السماوية

ان ما حصل عليه الانبيا عن طريق (الوحي ) وابلاغهم الناس على سبيل الخبروالاحكام الالهية هو الدين , وباتخاذه نهجا لهم في سبيل الحياة والوظائف والواجبات الانسانية , يضمن لهم السعادة .
يـشتمل التشريع الالهي بشكل عام على جانبين : الاعتقادي والعملي : فالجانب الاعتقادي يحتوي على مـجـمـوعـة مـعتقدات اساسية , تفرض على الانسان ان يتخذهااساسا لحياته , وهي الاسس العامة الثلاثة : التوحيد والنبوة والمعاد, واذا اهمل احدها لم يتحقق اتباع الدين .
والـجـانـب الـعملي , يتالف من مجموعة وظائف اخلاقية عملية تحتوي على وظائف معينة يتقيد بها الانسان امام اللّه تعالى وامام المجتمعات البشرية .
ومـن هـنـا تـنـقـسم الواجبات الفرعية في الشرائع السماوية , والتي نظمت للانسان على قسمين : الاخلاق والاعمال , وكل من هاتين , تنقسم الى قسمين ايضا.
فـامـا الاخـلاق والاعـمال التي ترتبط باللّه الخالق فهي , الخلق وصفة اليمان والاخلاص والتسليم والـرضى , والخشوع , وكذا الصلاة والصوم والفدية وغيرها, وهذه المجموعة من الاعمال تسمى العبادات , وتعبر عن خشوع الانسان وعبوديته لربه .
وامـا مـا يـتـعـلق بالمجتمع من الاخلاق والاعمال , فهي الصفات الحسنة ,كحب النوع , والمساعدة , والعدالة , والسخا وما يرتبط بداب المعاشرة , والمعاملة وغيرها, وهذه الاعمال الخاصة هي ما تسم ى ب((المعاملات )).
ومن جهة اخرى فان النوع الانساني يتجه نحو الكمال بصورة تدريجية ,والمجتمع البشري يتكامل بـمـرور الزمان , وان ظهور هذا النسخ من التكامل ضروري في الشرائع السماوية , ويؤيد القرآن الـكـريم هذا التكامل التدريجي (اذ يمكن الوصول اليه عن طريق العقل ), ومما يستفاد من آياته , ان الشرائع اللاحقة اكمل من الشرائع السابقة , بقوله تعالى : ((وانزلنا عليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناعليه )).
ومما تبينه النظريات العلمية , ويصرح به القرآن الكريم , ان حياة المجتمعات البشرية في هذا العالم لـيست ابدية , ومن الطبيعي ان التكامل لبني نوعها لم يكن غيرمتناه , فمن هذه الجهة , ستتوقف جميع الـوظـائف الانـسـانـيـة من حيث الاعتقاد والعمل في مرحلة معينة , وتبعا لهذه الحقيقة , فان النبوة والـشريعة ايضا يوما ما ستصل الى آخرمرحلة من مراحل الكمال والاعتقاد, وبث القوانين العملية , وبذلك تكون النهاية والخاتمة لها.
ومن هنا نرى ان القرآن الكريم يوضح هذه الحقيقة ويصرح بان الاسلام , الدين الذي اختاره لمحمد (ص ) هو آخر الاديان السماوية واكملها, والكتاب العزيز لاينسخ ,والنبي الاكرم (ص ) هو خاتم الانبيا, والاسلام يحتوي على جميع الوظائف والواجبات , كما في قوله تعالى : ((وانه لكتاب عزيز لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه )).
ويقول ايضا: ((ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول اللّه وخاتم النبيين )).
وقوله تعالى : ((ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ )).