الطبقات : عن زيد بن وهب ، قال مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذرّ ، فقلت : ما أنزلك منزلك هذا ؟ قال : كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية : ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ ) ، وقال معاوية : نزلت في أهل الكتاب . فقلت : نزلت فينا وفيهم ، فكان بيني وبينه في ذلك كلام ، فكتب يشكوني إلى عثمان ، فكتب إليّ عثمان أن أقدِم المدينة ، فقدمت المدينة وكثر الناس عليّ كأنّهم لم يروني قبل ذلك ، فذكر ذلك لعثمان ، فقال لي : إن شئت تنحّيت فكنت قريباً ، فذاك أنزلني هذا المنزل . (1)
البدء والتاريخ : ومنها قوله (ص) لأبي ذر الغفاري وقد تخلّف في بعض مراحل تبوك : تعيش وحدك وتموت وحدك ، فكيف بك إذا أخرجت من المدينة لقولك الحقّ . فنُفي في أيام عثمان إلى الربذة ومات بها وحده . (2)
أقول : نفى أبي ذر من الشام لقوله الحقّ ، وعملاً بشكاية معاوية عنه ، ونُفي ثانياً من المدينة لصدق لهجته وصراحة بيانه ، وقد قال رسول الله (ص) في حقّه : (*)
الاستيعاب : سئل عليّ (رض) عن أبي ذر ، فقال : ذلك رجل وعى علماً عجز عنه الناس .
وقال رسول الله (ص) : أبو ذرّ في أمّتي شبيه عيسى بن مريم في زهده . وبعضهم يرويه : من سرّه أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذرّ . (3)
ابن ماجة : عن عبد الله بن عمر ، قال رسول الله (ص) : ما أقلّت الغبراء ولا أظلت الخَضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر . (4)
الكنى للبخاري : يروي بعدة إسناد ، نظيرها . (5)
سنن الترمذي : مثلها . (6)
ويروي أيضاً : قال رسول الله (ص) : ما أظلت الخضراءُ ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذرّ شبه عيسى بن مريم ، فقال عمر بن الخطّاب ـ كالحاسد ـ يا رسول الله أفتُعرِّف ذلك له ؟ قال : نعم ، فاعرفوه . وقد روى بعضهم هذا الحديث فقال : أبو ذر يمشي في الأرض بزهد عيسى بن مريم .
الطبقات : سئل عليّ رضي الله عنه عن أبي ذرّ ، فقال : وعى علما عجز فيه وكان شحيحا حريصاً ، شحيحاً على دينه ، حريصاً على العلم . (7)
ويروي أيضاً روايات : كما في ابن ماجة والترمذي . (8)
الكنى للدولابي : كما في ابن ماجة . (9)
أقول : انظر إلى ما ورد في حقّ هذا الرجل وهو من خواصّ أصحاب رسول الله (ص) ، وهو يُنفى من المدينة إلى وادي الرّبذة ، ويموت فيها وحده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الطبقات ، ج 4 ، ص 226 .
2 ـ البدء والتاريخ ، ج 5 ، ص 40 .
* هكذا في النسخة المطبوعة .
3 ـ الاستيعاب ، ج 1 ، ص 255 .
4 ـ ابن ماجة ، ج 1 ، ص 68 .
5 ـ الكنى للبخاري ، ص 23 .
6 ـ سنن الترمذي ، ص 543 .
7 ـ الطبقات ، ج 2 ، ص 354 .
8 ـ نفس المصدر ، ج 4 ، ص 228 .
9 ـ الكنى للدولابي ، ج 1 ، ص 146 .
تبعيد أبي ذرّ
- الزيارات: 2648