طباعة

المقدمة

الشورى في الإمامة

بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة اللّه على أعدائمهم أجمعين من الأولين والآخرين.
تبيّن إلى الآن أنّ الإمامة نيابة عن النبوة، والإمام نائب عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلم، وكما أنّ النبوّة والرسالة تثبت للنبي والرسول من قبل اللّه سبحانه وتعالى، كذلك الإمامة، فإنّها خلافة ونيابة عن النبوّة والرسالة، فنحن ـ إذن ـ بحاجة إلى جعل إلهي وتعريف من اللّه سبحانه وتعالى وتعيين من قبله بالنص; ليكون الشخص نبيّاً ورسولاً، أو ليكون إماماً بعد الرسول. والنص إمّا من الكتاب وإمّا من السنّة القطعيّة. ولو رجعنا إلى العقل، فالعقل يعطينا الملاك، ويقبّح تقديم المفضول على الفاضل، وعن هذا الطريق أيضاً يستدلّ للإمامة والولاية والخلافة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلم.
وثبت إلى الآن أن لا طريق لتعيين الإمام إلاّ النص، وأن بيعة شخص أو شخصين أو أشخاص وأمثال ذلك لا تُثبت الإمامة للمُبايع له. وعن طريق النص والأفضليّة أثبتنا إمامة أمير المؤمنين والأئمة الأطهار أيضاً من بعده.
وتبقى نظرية ربّما تطرح في بعض الكتب وفي بعض الأوساط العلميّة والفكريّة، وهي نظرية الشورى، بأن تثبت الإمامة لشخص عن طريق الشورى.
والشورى موضوع بحثنا في هذه الليلة، لنرى ما إذا كان لهذه النظرية مستند ودليل من الكتاب والسنّة وسيرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، أو أنّها نظرية لا سند لها من ذلك.
فموضوع بحثنا: الشورى في الإمامة أو الإمامة بالشورى.
وأمّا الشورى والمشورة والتشاور في الأُمور، والقضايا الخاصّة أو العامّة، والمسائل الإجتماعيّة، وفي حلّ المشاكل، فذلك أمر مستحسن مندوب شرعاً وعقلاً وعقلاءاً; لأنّ من شاور الناس فقد شاركهم في عقولهم، والإنسان إذا احتاج إلى رأي أحد، احتاج إلى مشورة من عاقل، ففي القضايا الشخصية لابدّ وأن يبادر ويشاور، وهذه سيرة جميع العقلاء، وكلامنا في الشورى في الإمامة، أو فقل الإمامة بالشورى