طباعة

لهذه الأسباب صالح الإمام الحسن (عليه السلام) (رابعاً: مصلحة خط الإمامة)

لقد واجه الخطر العلوي ومنذ اللحظات الأولى لوفاة الرسول إلى محاولات كثيرة لتحديده عن واقع الممارسة السياسية رغم أن وصايا الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) تتضمن إشارات ونصوص واضحة وصريحة على ضرورة تفعيل دور الإمام في الحياة الإسلامية وتمكينها من واقع المسلمين بما يحفظ وجود الدولة وديمومة الإسلام. ولأن وجود هذا الخط هو من الضرورات التي تستوجب التضحيات فلابدّ أن يحفظ الإمام الحسن (عليه السلام) هذه القضية بدقة أثناء مواجهته مع معاوية.
وحيث أن القاعدة العريضة من الأمة التي اندرجت في خط الشرعية الإسلامية تحتاج إلى القائد الذي يوجه سلوكها وحركتها نحو أهداف الإسلام الكبرى، فإن وجود القائد الإمام المعصوم يعد من أوليات حفظ هذا التيار الشرعي وتدعيم حركته نحو وضع التحرك الإسلامي العام في إطاره الصحيح، ولهذا فإن الصلح إذا كان يعني المحافظة على الصفوة الخيرة من أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، فهو أيضاً يجعل القيادة المعصومة حاضرة في الأحداث وفي المسيرة بما يحفظ الشرعية الواعية للأمة وتوسيع قاعدتها، وتوجيه الدولة والأمة صوب المسار الصحيح لحركتها.
وبملاحظة شروط الإمام نجد أنه (عليه السلام) استطاع أن يصنع له دوراً بارزاً في حركة الواقع الإسلامي، وقد دعم هذا الوجود بلفت انتباه الأمة له من خلال عدم اعترافه بشرعية معاوية (15). وحينما نفحص الشرط الآخر للإمام (عليه السلام) وهو الذي ينص على حرية الإمام والشيعة في الاعتراض على معاوية وولايته فإننا سنجد أن الإمامة وقاعدتها ستوسع من نشاطها السياسي والإعلامي باتجاه توعية الأمة وتصحيح فهمها وفضح الممارسات الشاذة للسلطة الأموية. وهو عين إعداد الأمة في مناخ سياسي يسمح بالحركة السياسية.
أخيراً: إن جواز الصلح شرعاً، ولضغط الظروف القاهرة، وحفاظاً على المصلحة الإسلامية العليا.. كل ذلك جعل الإمام يدفع الحرب بالصلح ضمن شروط وضعت على أساس خدمة الأهداف الإسلامية، وإذا ضحى الإمام (عليه السلام) بالسلطة الفوقية من أجل سلامة البنى التحتية، فإن الواقع الذي يعيشه المسلمون في العصر الراهن هو في الحقيقة استمرار لذلك الموقف المسؤول الذي اتخذته الإمامة المعصومة.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
15- كان ذلك شرطاً من شروط الصلح حينما رفض الإمام أن يسمي معاوية أمير المؤمنين.