• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

اقتران عليّ (عليه السلام) بالزهراء (عليها السلام)

المرحلة الثالثة: عليّ (عليه السلام) من الهجرة الى وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله)

2 ـ اقتران عليّ (عليه السلام) بالزهراء (عليها السلام) :
بعد أن استقرّ المقام بالمسلمين وبدأت مبادئ الاسلام وتعاليمه تترسّخ في نفوس المسلمين وظهرت يدهم القويّة في الدفاع عن الرسالة والرسول تفتّحت العلاقات بين المسلمين في صورة مجتمع متمدّن ونهضة ثقافية اجتماعية شاملة، يتزعّمها الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) الذي عصمه الله في الفهم والتلقّي والإبلاغ والتربية والتنفيذ، وها هو عليّ (عليه السلام) قد تجاوز العشرين من عمره الشريف وهو يصول في سوح الجهاد والدفاع عن العقيدة والدعوة الإسلامية، ويقف مع الرسول في كلّ خطواته، وقد بلغ من نفس الرسول أعلى منزلة، يعيش معه وهو أقرب من أيّ واحد من المسلمين، وبعد أن انقضت سنتان من الهجرة وفي بيت الرسول بلغت ابنته الزهراء (عليها السلام) مبلغ النساء، وشرع الخطّاب بما فيهم أبو بكر وعمر[5]يتسابقون الى النبيّ (صلى الله عليه وآله) يطلبونها منه وهو يردّهم ردّاً جميلاً ويقول: إنّي أنظر فيها أمر الله، وكان عليّ من الراغبين في الزواج منها.
ولكن كان يمنعه عن مفاتحة النبيّ (صلى الله عليه وآله) الحياء وقلّة ذات اليد، فلم يكن عليّ (عليه السلام) من الذين يملكون الأموال، وبتشجيع من بعض أصحاب الرسول تقدّم عليّ لخطبة الزهراء، فدخل على النبيّ وهو مطرق الى الأرض من الحياء، فأحسّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) بما في نفسه فاستقبله ببشاشته وطلاقة وجهه الكريم، وأقبل عليه يسأله برفق ولطف عن حاجته، فأجابه (عليه السلام) بصوت ضعيف: يارسول الله تزوّجني من فاطمة؟ فردّ النبي (صلى الله عليه وآله) قائلاً: مرحباً وأهلاً، ودخل على بضعته الزهراء ليعرض عليها رغبة عليّ (عليه السلام) فيها، فقال (صلى الله عليه وآله) لها: لقد سألت ربّي أن يزوّجك خير خلقه وأحبّهم اليه وقد عرفت عليّاً وفضله ومواقفه، وجاءني اليوم خاطباً فما ترين؟ فأمسكت ولم تتكلّم بشيء، فخرج النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: سكوتها رضاها وإقرارها.
ثمّ إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) جمع المسلمين وخطب فيهم، فقال: إنّ الله أمرني أن اُزوّج فاطمة من عليّ.
ثمّ التفت الى عليّ (عليه السلام) فقال: لقد أمرني ربّي أن اُزوّجك فاطمة أرضيت هذا الزواج يا عليّ؟ فقال (عليه السلام): رضيته يارسول الله، وخرّ ساجداً لله فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله): بارك الله فيكما وجعل منكما الكثير الطيب.
وجاء عليّ (عليه السلام) بالمهر الذي هيّأه من بيع درعه فوضعه بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأمر الرسول أبا بكر وبلالاً وعمّاراً وجماعةً من الصحابة واُمّ أيمن لشراء جهاز الزواج ولمّا تم الجهاز وعرض على الرسول جعل يقلّبه بيده ويقول: بارك الله لقوم جلّ آنيتهم من الخزف.
وبيسر وبساطة ودون تكاليف تمت الخطبة والزواج وكان الجهاز من أبسط ما عرفته المدينة، واحتفل النبيّ وبنو هاشم بهذا الزواج الميمون[6].
وروي أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) عوتب في زواج فاطمة (عليها السلام) فقال: لو لم يخلق الله عليّ بن أبي طالب لما كان لفاطمة كفؤ.
وفي خبر آخر أنّه (صلى الله عليه وآله) قال مخاطباً عليّاً (عليه السلام): لولاك لما كان لها كفؤ على وجه الأرض[7].

3 ـ عليّ (عليه السلام) مع الرسول (صلى الله عليه وآله) في معاركه :

أ ـ عليّ (عليه السلام) في معركة بدر :
فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهجرته عهداً جديداً في تأريخ البشرية بشكل عامّ وفي تأريخ الرسالة الإسلامية بشكل خاص، وبدأت معالم الدولة تتوضّح ومظاهر قوة المسلمين تبدو للعيان، وفي الجانب الآخر لم تتوقّف قريش ومن والاها من المشركين ويهود المدينة الذين أظهروا السلم نفاقاً وتغطيةً على التخطيط السرّي للقضاء على الإسلام وأهله، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعالج الاُمور بحكمة ورويّة، ومن الطبيعي أن لا يقف النبيّ من مؤامرات أعداء الاسلام وتحرّشاتهم موقف الضعيف المتخاذل، فأخذ يرسل السرايا ليهدّدهم ويطاردهم أحياناً.
ولما كان للمدينة موقع استراتيجي مهم في طرق التجارة والمواصلات في الجزيرة العربية فقد أصبح المسلمون بعد تزايد عددهم قوّة ضغط لابدّ من وضعها في الحسبان، ومنذ أن وطأت قدم عليّ (عليه السلام) مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) بدأ العمل في كلّ جوانب الحياة وما تتطلبه الرسالة الإسلامية جنباً الى جنب الرسول من بناء الدولة ونشر الرسالة مندفعاً بطاقة ذاتية هائلة بما وهبه الله من قوّة وعزيمة لا توازيها قوّة وطاقة مجموعة كبيرة من الأفراد، فكان الذراع القويّ التي يضرب بها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونجد هذا واضحاً جليّاً في كلّ وقعة ومعركة دخل فيها عليّ (عليه السلام)، وكان من طبيعة المعارك أنّها تتوقّف في العادة على الجولة الاُولى، فمن يفوز فيها تحسم المعركة لصالحه، كما في معركة بدر[8] التي كانت عنواناً لبداية اُفول كلّ القوى العسكرية في الجزيرة وخصوصاً قريش، ومنطلقاً للانتصارات والفتوحات التي حقّقها المسلمون.
روي أنّ عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة خرجوا ودعوا الى المبارزة، فخرج اليهم في البداية عوف ومُعَوِّذ ابنا عفراء وعبدالله بن رواحة وكلّهم من الأنصار فقالوا لهم: من أنتم؟ قالوا: من الأنصار، فقالوا: أكفاء كرام وما لنا بكم من حاجة، ليخرج الينا أكفاؤنا من قومنا.
فأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) عمّه حمزة وعبيدة بن الحارث وعليّاً بمبارزتهم، فدنا بعضهم من بعض فبارز عبيدة بن الحارث عتبة، وبارز حمزة شيبة، وبارز عليّ (عليه السلام) الوليد، فأمّا حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وقتل عليٌ (عليه السلام) الوليد، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما قد أثبت صاحبه، وكرّ حمزة وعليّ (عليه السلام) على عتبة فقتلاه[9].
ثمّ نشبت المعركة بين طرفين غير متكافئين بالموازين العسكرية: جبهة المسلمين وعددها ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، تقاتل عن إيمان وعقيدة، تدافع عن الحقّ وتدعو إليه، وجبهة قريش وعددها تسعمائة وخمسون رجلاً تقاتل عن حميّة وعصبيّة جاهلية، وهنا دخلت عناصر جديدة في الحرب منها: دعاء الرسول (صلى الله عليه وآله) وثباته وبسالة حمزة وقوّة عليّ (عليه السلام)، فغاص عليّ وحمزة وأبطال المسلمين في وسط قريش، ونسي كلّ واحد منهم نفسه وكثرة عدّوه، فتطايرت الرؤوس عن الأجساد، وأمدّ الله المسلمين بالقوة والعزيمة والثبات، وأسر المسلمون كلّ من عجز عن الفرار حتى بلغ عدد الأسرى سبعين رجلاً، وعدد القتلى اثنين وسبعين رجلاً وتنصّ الروايات على أنّ عليّاً (عليه السلام) قتل العدد الأكبر منهم فعلى أقل التقادير أنّه (عليه السلام) قتل أربعة وعشرين وشارك في قتل ثمانية وعشرين آخرين، ويبدو أنّ الذين قتلهم عليّ (عليه السلام) هم أبطال قريش وصناديدها[10].
في هذه المعركة المهمّة كان عليّ (عليه السلام) صاحب راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) إضافة إلى دوره الحاسم لنتيجة المعركة[11].
وروي أنّ رجلاً من بني كنانة دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال له: هل شهدت بدراً؟ قال: نعم قال: فحدّثني ما رأيت وحضرت.
قال: ماكنّا شهوداً إلاّ كغياب، وما رأينا ظفراً كان أوشك منه قال: فصف لي ما رأيت.
قال: رأيت عليّ بن أبي طالب غلاماً شابّاً ليثاً عبقرياً يفري الفري، لا يثبت له أحد إلاّ قتله، ولا يضرب شيئاً إلاّ هتكه، ولم أر من الناس أحداً قطّ أنفق منه يحمل حملته ويلتفت التفاتة كأنّه ثعلب روّاغ، وكأنَّ له عينان في قفاه، وكأنّ وثوبَه وثوبُ وحش[12].

**************
[1] كفاية الطالب للحافظ الكنجي: 194.
[2] الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي: 38، والغدير للعلاّمة الأميني: 3 / 112.
[3] أخرجه أحمد بن حنبل في مناقب عليّ (عليه السلام)، وتأريخ دمشق لابن عساكر: 6 / 201، وكنز العمال للمتّقي الهندي: 5 / 40، وكشف الغمة: 1 / 326.
[4] كفاية الطالب للكنجي: 82 ، تذكرة الخواص: 14، والفصول المهمّة: 38.
كما وردت أحاديث المؤاخاة بين النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعليّ (عليه السلام) بصيغ مختلفة ومصادر عديدة منها: تأريخ ابن كثير: 7 / 235، والفصول المهمّة:22 ومسند أحمد: 1 / 23، وتأريخ ابن هشام: 2 / 132، وتأريخ دمشق: 6 / 201، وفرائد السمطين: 1 / 226، والغدير: 3 / 115، وكفاية الطالب: 185.
[5] كشف الغمة : 1 / 353.
[6] كشف الغمة : 1 / 348، وبحار الأنوار: 43 / 92، ودلائل الإمامة للطبري: 16 ـ 17.
[7] المناقب لابن شهرآشوب: 2 / 181.
[8] يقال لها: معركة بدر العظمى، وقعت في السنة الثانية للهجرة في السابع عشر من شهر رمضان، وقيل: في التاسع عشر منه.
[9] الكامل في التأريخ: 2 / 134 و 135 ط مؤسسة الأعلمي، وتأريخ الطبري: 3 / 35.
[10] الإرشاد للمفيد: 64 الفصل 19 الباب 2، وكشف الغمّة: 1 / 182.
[11] الاستيعاب لابن عبدالبرّ المالكي بهامش الإصابة: 3 / 33، وتأريخ دمشق لابن عساكر: 1 / 142.
[12] حلية الأولياء لأبي نعيم: 9 / 145.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page