قفل أمير المؤمنين راجعاً الى الكوفة مثقلاً بالهموم والآلام، يرى باطل معاوية قد استحكم، وأمره أوشك أن يتمّ، وينظر الى جيشه وقد فتّته التمرّد لا يستجيب لأَمره ودخل الإمام (عليه السلام) الكوفة فرأى لوعة وبكاءاً، قد سادت جميع أرجائها حزناً على من قتل في صفّين، واعتزلت فرقة تناهز اثني عشر ألف مقاتل عن جيش الإمام، ولم يدخلوا الكوفة فلحقوا بحروراء، وجعلوا أميرهم على القتال شبث بن ربعي، وعلى الصلاة عبد الله بن الكواء اليشكري، وخلعوا بيعة الإمام (عليه السلام) يدعون الى جعل الأمر شورى بين المسلمين وكان أمر هؤلاء قد بدأ منذ كتابة صحيفة الموادعة، إذ لم يعجبهم الأمر فاعترضوا وقالوا: لانرضى لا حكم إلاّ لله، واتّخذوه شعاراً لهم رغم أنّهم هم الذين أصرّوا على الإمام (عليه السلام) لقبول التحكيم.
وسعى أمير المؤمنين لمعالجة موقفهم بالحكمة والنصيحة، فأرسل إليهم عبد الله بن عباس وأمره أن لا يعجل في الخوض معهم في جدال وخصومة، ولحقه الإمام (عليه السلام) فكلّمهم وحاججهم وفنّد كلّ دعاويهم، فاستجابوا له ودخلوا معه الى الكوفة[24].
*****************
[24] تأريخ الطبري: 4 / 54، والكامل في التأريخ: 3 / 426،
الإمام علي(عليه السلام) مع القاسطين (رجوع الإمام (عليه السلام) واعتزال الخوارج)
- الزيارات: 3898